إن الفلسفة الحالية للتربية تنادي بأن يكون الطالب هو المحور الأساسي للعملية التعليمية ، و دور المعلم يقتصر على التوجيه بعدما كان دوره سابقا التلقين و الحفظ .
فما الأفعال التي يمكن أن يقوم بها المعلم من أجل إيجاد المناخ الصفي الذي يجعل من الطالب محورا للعملية التعليمية ؟
إن أهم النقاط التي تحقق لنا ذلك ما يلي : 1- عدم احتكار وقت الحصة :
عامل الوقت و كيفية استثماره من المؤشرات الرئيسية في الحكم على طبيعة المناخ الصفي . فكلما أطال المعلم في إلقاء محاضرته و طرح الأسئلة و الإجابة عليها (أي أن المعلم يقوم بمعظم الأشياء إن لم يكن كلها )كان دور الطالب يتجه نحو الخمول و الركود و الملل . و الطالب في السنوات الأولى من المرحلة الدراسية لا يمتلك القدرة الكبيرة على الاستماع . فهل يعقل أن الطالب يستطيع أن يستمع لشرح المعلم مدة (45) دقيقة أو نصف ساعة ؟؟ سيلجأ الطالب حينها إلى السرحان أو النعاس و قد يصل به الحال إلى النوم في الحصة .
إن السن الصغير للطالب يتحكم علينا أن نراعي خصائص الطالب و ميوله و اتجاهاته وأن نحترم رغباته و أن نستمع و ننصت لآرائه وأن نحترم وجهة نظره . و نحن نعلم أن الطالب في المراحل الأولى يكون مولعا باللعب ، فما علينا إلا أن نقدم له المعلومة أو النشاط أو التجربة على شكل ألعاب و مسابقات و تسالي يجد فيها الطالب نفسه بل أننا نرى أن الطالب يستمع وينصت ويشارك ويجرب وينافس وكله مملوء بالحماس و الدافعية التي تقوده للفوز و الاستفادة من الحصة بالشكل المطلوب .
إضاءة
إذا كان المعلم يقوم بكل شيء و يقول كل شيء فما دور الطالب في هذه الحالة ؟
2- التفاعل الصفي المركب : يتفاعل المعلم مع طلابه عشرات المرات و ربما مئات المرات في اليوم الواحد و أن نمط التفاعل الذي يكون محوره الطالب يجب أن يعكس مشاركة متزايدة للطلبة وتقليل لدور المعلم . إن نمط التفاعل الصفي الجيد يقدم فيها الطالب مسرحيات و يوزع الأنشطة و يطرح أسئلة و يجرب و يستنتج و يبدي رأيه و ما على المعلم إلا التوجيه الذي يحفظ سير العملية التعليمية و يحقق أهدافها . بل أننا يمكننا أن نغرس في الطالب حب مهنة التدريس و ذلك بأن يكون الطالب هو المعلم من خلال شرح نقطة أو من خلال القيام بعمليات التعزيز اللفظية أو المادية و سنجد أن ذلك يحقق للطالب ذاته و يولد لدية الثقة بنفسه و يدفعه للتركيز في الحصة و كما أنه يخلق نوع من التجديد و يكسر حاجز الملل. إن لردود فعل المعلم من شأنها إنهاء ( كبح ) عملية التفكير أو تفتيح آفاق التفكير و توسيعها ‘ و يكون كبح عملية التفكير من قبل المعلم ب:
* انتقاد أفكار الطالب . * الاستهزاء من الطالب و أفكاره . * المديح المتزايد للطالب . * عدم إتاحة الفرصة المناسبة و الكافية للطالب لإبداء رأيه . * عدم الإنصات الجيد لأفكار الطالب . * عدم تعزيز أو تشجيع الفكرة الجيدة. * عدم وضوح سؤال التفكير بالنسبة للطالب . 4- أسئلة المعلم : على المعلم بأن يكون حريصا في انتقاء أسئلته بحيث تكون متنوعة و واضحة و تنمي مستويات أعلى من التفكير و متدرجة من السهل إلى الصعب ومن المحسوس إلى المجرد. - ويفضل أن تكون الأسئلة من واقع حياة التلاميذ داخل المدرسة وخارجها كما يجب أن تكون أرقامها واقعية أيضاً . و يجب مراعاة الألفاظ التي درسها الطفل وعرفها وألفها وإدخال الألفاظ والمصطلحات الجديدة بالتدريج . - ابدأ دوماً بأمثلة ومسائل بسيطة ليحلها التلاميذ ذهنياً ودون حاجة إلى استخدام الورقة والقلم. أي التركيز على الحساب الذهني . إضاءة
(يحتاج المعلم إلى طرح أسئلة ذات مستويات مختلفة ليراعي الفروق الفردية بين الطلبة )
5- سلوكيات المعلم : فعلى المعلم أن يركز انتباه الطلبة نحو المهمة المطلوبة، و يوجه أسئلة مفتوحة ، يستمع إلى آراء الطلبة و أفكارهم ، يتقبل استجابات عديدة و متنوعة للأسئلة ، يشجع تفاعل الطلبة مع غيرهم من الطلبة و معه ، لا يفرض رأيه على الطلبة ، يساعد الطلبة على تقييم أفكارهم ، يساعدهم على معرفة المغزى من الدرس ، يساعدهم على ربط الدرس الحالي بالسابق ، يساعدهم على تلخيص الأفكار و ترتيبها ،يحاول أن يربط الدرس بالبيئة التي يعيش فيها الطالب ليدرك أهمية الدرس في حياته .
صفات المعلم الذي يجعل من الطالب محورا للعملية التعليمية : إن المعلم الذي يحاول أن يستكشف ،وأن يعثر على جديد يساعده في عمله ونجاح فيه ،هو معلم مشجع طلبته على المغامرة والمخاطرة ويعمل على إيجاد بيئة تربوية تبعث عند الطلبه التحدي ،وتحفزهم على التفكير والعمل ، وأن يراعي الفروق الفردية عند طلبته في تدريسه لهم ، ويعمل على أن ينمي ما عند كل طالب من قدرات واهتمامات ، فيختار الأسلوب الذي يتعامل به معهم ،وبما يساعده على الوصول إلي هذا الهدف . أن في ما يقوم به المعلم من أعمال روتنيه وكتابيه ،كأعمال التقويم والتصنيف وإعداد التقارير وكتابة الشهادات ما هي إلا أمور من شأنها أن تجعل مهمة المعلم عملا كتابيا، أكثر منها عملية تدريس تقوم على الخلق والإبداع وعلى النماء والتطور ، و حتى نتفادى ذلك لا بد لنا من أن نمتلك الشجاعة الكافية ، و التفكير العميق الهادف بعيدا عن كل ما يشتت الانتباه ، أو يعيق التفكير ، و في جو يتيح لنا التفكير الهادئ و الاستغراق فيه لأخذ كل ما يتعلق بعملية التدريس مأخذ الجد و الاهتمام بعيدا عن التهاون ،و عدم الجدية . إضاءة
التدريس عمل عقلي و أخلاقي ، و هو بحاجة إلى انتباه و وعي كاملين و إلى تربية مستديمة ، و إطلاع معرفي دائم و متجدد ،و قدرة على النقد و التمييز .
|