من علامات الساعة الكبرى،

علامات الساعة الكبرى، يقول الله عز وجل "وإن الساعه لآتيه فاصفح الصفح الجميل"،
فالساعة لابد لها وان تأتي في يوم ما وعد صادق من الله عز وجل لاشك فيه، وقال عز
وجل رداً على الكفار "وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة، قل بلى وربي لتأتينكم"،
وجائت الأيات الأخرى تخبرنا أنها قريبة وذلك عندما انشق القمر كمعجزة وآية رءآها
جميع الناس وقال تعالى "اقتربت الساعه وانشق القمر"، فانشقاق القمر دليل على اقتراب
الساعه .



هناك علامات تدل على إقتراب الساعه مثل ظهور المسيح
الدجال، وهناك علامات تدل على حلول الساعه مثل ظهور الدابة وخروج الشمس من مغربها،
فلنبدأ الحديث عن المسيح الدجال .



هي فتنة عظيمة، بل هي اعظم فتنة
كما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم "مابين خلق آدم إلى قيام الساعه
ما من أمر أكبر من الدجال"، فلا تمر فتنة على البشر أعظم من المسيح الدجال
.



وتظهر فتنة المسيح الدجال في آخر الزمان عند اقتراب الساعه، ويقول
ابن الأثير "سمي المسيح لأنه أعور العين، وسمي الدجال لأنه كذاب"، أما المسيح عيسى
ابن مريم فسمي المسيح لأنه كان يمسح على الناس فيشفيهم من الأمراض بإذن
الله.



يظهر هذا الرجل في فترة تكون أحوال المسلمين فيها قد بلغت
شأناً عظيماً، تقوى الأمة وتظهر على الأمم الأخرى، فكأنه يظهر المسيح الدجال حتى
يكسر هذه الشوكة التي ظهرت بين المسلمين.



تشير أحاديث النبي عليه
الصلاة والسلام الصحيحة إلى هذه الأحوال قبيل ظهور الدجال، كما جاء في الحديث
الصحيح في سنن أبي داوود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ستصالحون الروم
(الأوروبيين والأمريكان)، صلحاً آمناً، فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم، فينتصر
التحالف الإسلامي النصراني ضد هذا العدو، يقول عليه الصلاة والسلام "فتغنمون
وتسلمون، ثم ترجعون حتى تنزلون بمرج ذي التلول (منطقة في الشام)، وهناك يرفع رجل من
أهل النصرانية الصليب ويقول غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيأخذ الصليب
ويكسره، وعندئذ يهجم مجموعة من النصارى على المسلمين فيغدرون بهم وتبدأ الملحمة،
ويبدأ القتال العظيم بين المسلمين والروم، فيثور المسلمين إلى أسلحتهم فيقتتلون
فيكرم الله تلك العصابه بالشهادة، وتأتي مجموعة أخرى من المسلمين تقاتل النصارى
فتقتلهم وتسلب منهم، فعندها تجتمع قوات النصارى من أنحاء الأرض، ويجتمع على
المسلمين ثمانين راية (لعلها ثمانين دولة)، لا يقل عدد المقاتلين تحت كل راية عن
12ألف مقاتل، ويجتمع جيش تعداده مليون او يزيد، وتبدأ المعركة الكبرى بين المسلمين
والنصارى، ويأتي الروم حتى يحتلوا الشام، وتخرج قوات المسلمين لدعم اخوانهم منطلقة
من المدينة المنورة شرفها الله تعالى كما في الحديث.



يقول عليه
الصلاة والسلام لاتقوم الساعه حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق (وهي مناطق بالشام)
فيخرج لهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم خلوا
بيننا وبين الذين سبوا منا، فيقول المسلمون لاوالله لانخلي بينكم وبين اخواننا،
فيبدأ القتال ويكون عدد المقاتلين في جيش الروم عظيم، ويكاد يهزم جيش المسلمين، يصف
النبي عليه الصلاة والسلام أن هناك عدد من المسلمين الذين انضموا لهذا الجيش أن
دينهم رقيق فيرتدون خوفاً من الكفار فينضمون إلى النصارى، وأن ثلث الجيش الإسلامي
من هؤلاء ضعاف القلوب يرتد وينضم إلى النصارى فتزداد قوة النصارى وتقل قوة
المسلمين، فعندئذ تقوم جماعة من الجيش الإسلامي ويتعاهدون على الموت، فيهجمون على
جيش النصارى هجمة واحده فيستشهدون جميعاً، ويستمر القتال في ذلك اليوم إلى الليل
ويتحاجز الفريقان عند الليل، وفي اليوم التالي يبدا القتال مرة ثانيه وتقوم جماعه
من المسلمين تشترط الموت فيقاتلون النصارى ويستشهدون جميعاً، ويحدث مثل ذلك في
اليوم الثالث، يقول النبي عليه الصلاة والسلام فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم
بقية أهل الإسلام، ويأتيهم المدد من المسلمين في شتى بقاع الأرض، فيتقوى جيش
المسلمين ويهجمون هجمة واحده على النصارى، فيقتل النصارى مقتلة لم يرى مثلها، ويصف
النبي عليه الصلاة والسلام هذه المذبحة العظيمة فيقول حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم
(فوقهم) فما يخلفهم حتى يخر ميتاً، من الأمراض والنتن الذي حدث بينهم، ويصف النبي
صلى الله عليه وسلم كم هذه المقتلة التي حدثت في هذا الجيش النصراني ويقول "فيتعاد
بني الأب (وهم أفراد العائلة الواحده) كانوا مائة فلا يجدون إلا واحداً"، فيقتل في
هذه الملحمة الكبرى من كل مائة تسعة وتسعون نصرانياً، وتحدث النبي عليه الصلاة
والسلام أن هذا النصر العظيم الذي يحدث للمسلمين يغيظ الشيطان فيغضب الشيطان غضبة
عظيمة لما حدث لأتباعه وانصاره ويصرخ في المسلمين صرخه حتى يتوقفون فيقول "خرج
الدجال في أهليكم"، فتنتشر المسألة بين المسلمين ويبدأون بمغادرة أرض المعركة
والعودة إلى بيوتهم ويتبين أن الأمر كذب.



ويقول النبي عليه الصلاة
والسلام أن أول من يخرج من المسلمين ليبحث عن أمر الدجال هم عشرة فوارس ويقول "إني
لأعرف أسمائهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ"،
ويرجعون فيجدون أن الأمر غير صحيح، ولما يتفرق الجيش الإسلامي عندها يظهر الدجال،
فهذه الملحمة الكبرى بين المسلمين والنصارى هي البداية لخروج المسيح الدجال قبحه
الله .



جاء وصف عام عن الدجال في صحيح البخاري أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال أنه رآى الدجال في الرؤيا ووصفه للمسلمين فقال " هو رجل جسيم أحمر
جعد الرأس أعور العين كأن عينه عنبه نافية" وذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم
علامه واضحه له فقال "ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الدجال، الا إنه أعور، ألا
إن ربكم ليس بأعور، وإن بين عينيه مكتوب كافر يقرأها من كره عمله أو لا يقرأه إلا
مؤمن" وجاء من صفاته كذلك أنه عقيم لا يبقى له أولاد من بعده، ويدعي انه الله حاش
لله سبحانه، ويعطيه الله من القدرات ما يفتن بها الناس حتى، فالنبي صلى الله عليه
وسلم يحذر الناس ويقول كيف تصدقونه أنه الله؟ ويقول في حديث آخر "اعلموا أنه لن يرى
أحدا منكم ربه حتى يموت"، أي أن في هذه الحياة الدنيا لن يرى أحد الله عز وجل فكيف
تصدقون أن الدجال هو الله ؟



وهذا الدجال يعطيه الله تعالى قدرات
كثيرة، فمن إحدى هذه القدرات أنه ينطلق في الأرض بسرعه عجيبة كما قال النبي صلى
الله عليه وسلم عندما سئل عن سرعته فقال "كالغيث استدبرته الريح"، فيجول في أقطار
الأرض ويدخل كل البلاد إلى مدينتين شرفهم الله عز وجل ومنع الدجال من الدخول إليهما
وهما مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقول النبي صلى الله وسلم "ليس من بلد إلا
ويطأه الدجال إلا مكة والمدينة"، ويعطيه الله عز وجل أمراً يفتن به الناس، فيعطيه
جنة ونار، فيسير معه نهر من ماء لونه أبيض ونهر من نار، وقال النبي صلى الله عليه
وسلم "معه جنة ونار، فناره جنة وجنته نار"، وجاء في صحيح مسلم قول النبي صلى الله
عليكم "لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان، أحدهم رأي العين ماء أبيض،
والآخر رأي العين نار تأجج، فإما أدركن أحدكم الدجال فليأتي الذي يراه ناراً وليغمض
عينية ثم ليطأطأ رأسه وليشرب منه فإنه ماء بارد".



ويعطيه الله
القدرة على الإستعانه بالشياطين فيعينونه على فتنته، فيأتي للرجل ويقول له أنا ربك،
فينكر الرجل، فيقول له أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتؤمن بي، فيقول له الرجل نعم،
فيأتي على قربها وتخرج له الشياطين تتمثل له بصورة أبيه وأمه، ويقولان له يابني
إتبعه فإنه ربك، فيبدأ الناس يفتنون به فتنة عظيمة، والاكثر من ذلك أنه يبدأ يتحكم
في الأرض والسماء، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تخرج كنوزها فتنشق
الأرض امام الناس وتخرج كنوزها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "يأتي الدجال على
قوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيامر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، يأمر
البهائم فتمتلأ بطونها لبناً وتمتلأ أجسادها لحماً"، ثم يتركهم على هذا الخير ويذهب
لقوم آخرين يدعوهم فيكفرون به، فيأمر السماء فتتوقف عن المطر، ويامر الأرض فتموت
أشجارها ويتوقف نباتها وتهزل حيواناتهم وتمرض وتموت ويعيشون في اسوأ أحوالهم
.



والأكثر من ذلك أنه يمر بالأرض الخراب ومعه الناس ينظرون، فيأمرها
ان تخرج كنوزها فتنشق الأرض امام أعين الناس ويخرج منها الذهب والفضة والكنوز وتبدأ
تتبعه كيعاسيب النحل (تتبعه مثل النحل)، فتفتن به الناس عندما ترى هذه المشاهد
ويدخلون في دينه أفواجاً .



ويمكث في الأرض يفتن الناس ويفسد فيها
أربعين يوماً فقط، ولكنها ليست كأيامنا العادية، فأول يوم هو كسنة ويوم كشهر ويوم
كأسبوع وباقي أيامه كأيامنا .



ويخرج الدجال في منطقة يصفها لنا
النبي صلى الله عليه وسلم ويقول "إنه خارج بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث
شمالاً، ياعباد الله فاثبتوا" .

وأشد الناس سيكونون إتباعاً للدجال ونصرة
لدينه هم اليهود، جاء ذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال "يتبع الدجال
من يهود أصبهان سبعون ألفاُ عليهم الطيالسة".



ويدخل الدجال في كل
مكان إلا مكة والمدينة كما قال صلى الله عليه وسلم " على أنقاب المدينة ملائكة
لايدخلها الطاعون ولا الدجال"، وقال "ليس من بلد إلا سيطأه الدجال إلا مكة
والمدينة، وليس نقب من انقابها إلا عليه الملائكة حافين تحرسها" كل ماحاول أن يدخل
المدينة تمنعه الملائمة بسيوف من نار، فيظل يتحايل على المدينة يحاول ان يدخل
والملائكة تمنعه، حتى يضع رجل واحده في منطقة اسمها السبخه وهي منطقة لاينبت فيها
الزرع، فيحدث زلزال في المدينة وترجف باهلها ثلاث رجفات، فيخرج حينئذ من المدينة كل
كافر ومنافق فيتبعون الدجال.



كيف ننجوا من الدجال ..؟

جاء في
الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من سمع بالدجال فلينأ عنه (فليهرب
منه) فوالله أن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات"،
وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم من ادركه أن يقرأ عليه فواتح سورة الكهف، وجاء في
رواية أخرى العشر الاوائل من سورة الكهف فإنها تحفظه من الدجال
.



كان النبي صلى الله عليه وسلم يشك أن الدجال موجود في زمانه،
وجائت الاحاديث الكثيرة في صحيح البخاري ومسلم في قصة تصف شخصاً من اليهود كان
النبي صلى الله عليه وسلم يشك بأنه هو الدجال، وهو صافي ابن صياد، وكان صافي في ذلك
الوقت عمره اثنا عشرة سنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى بعض العلامات في هذا
الفتى اليهودي جعلته يشك أنه هو الدجال فأراد أن يتأكد عليه الصلاة والسلام
.



فخرج يوماً وخرج معه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وذهب إلى المكان
الذي يعيش فيه ابن صياد وكان يعيش في حصن من حصون اليهود في المدينة، فذهب إليه
النبي صلى الله عليه وسلم ودخل البستان الذي فيه ابن صياد، يقول عمر فتعجبت ورأيت
النبي صلى الله عليه وسلم يختفي خلف الأشجار، يأتي خلف شجرة ثم يسرع خلف شجرة أخرى
وحتى وصل إلى ابن صياد وهو متسلقي على الأرض، وهو يزمزم ويتمتم تمتمات عجيبة، فأخذ
النبي عليه الصلاة والسلام يتسمع ماذا يقول، فبينما هو كذلك إذ خرجت من داخل البيت
أم صافي ابن صياد فرأت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسمع لإبن صياد، فقالت ياصافي
هذا محمد، فانتبه وثار وغضب غضباً شديداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لو تركته
لبين"، ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ يسأل ابن صياد أسئلة ويتحاور معه، فقال
له النبي "ياصافي أتشهد أني رسول الله..؟ فقال له صافي أشهد أنك رسول الأميين، ثم
قال له صافي يامحمد أتشهد أني رسول الله..؟، فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمنت
بالله ورسله، آمنت بالله ورسله، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم، يابن صياد قد
خبأت لك خبأة (أي أنني قد خبأت لك كلمة بداخلي حاول أن تعرفها)، فأخذ ابن صياد يفكر
ثم قال (الدخ ، الدخ)، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "إخسأ، فلن تعدو قدرك"،
فقال عمر الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ماذا خبأت له يارسول الله، فقال خبات له
"الدخان"، وقد عرف نصفها، فقال عمر دعني يارسول الله اقطع عنقه، فقال له النبي صلى
الله عليه وسلم دعه ياعمر، فإن يكن هو فلن تسلط عليه، وإن لم يكن هو فلا حاجة لنا
بقتله.



وانتشر أمر ابن صياد بين الناس وكيف أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يشك بأنه هو الدجال حتى أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كان يقسم بالله
أمام النبي صلى الله عليه وسلم أن أبن صياد هو المسيح الدجال والنبي صلى الله عليه
وسلم لاينكر عليه، فانتشر الخبر بين الناس ان ابن صياد قد يكون هو الدجال وبدأوا
يحذرون منه.



وفي يوم من الأيام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم
بفترة، يروي عبدالله ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حديثاً حدث له مع ابن صياد
فيقول أن ابن صياد بدات امواله تكثر حتى أصبح من اكثر الناس مالاً وولداً، ورآه
عبدالله ابن عمر رضي الله عنه في يوم من الأيام في أزقة المدينة وإذ هو أعور وعينه
مثل العنبه الطافية، فتعجب وفقال لإبن صياد متى فعلت عينك ما أرى ..؟ فقال ابن صياد
لا أدري، فقال له ابن عمر لاتدري وهي في رأسك؟ فقال ابن صياد لو شاء الله لجعلها في
عصاك، فغضب عبدالله ابن عمر غضباً شديداً واخذ يضرب ابن صياد بالعصا حتى كسر العصا
عليه، فغضب ابن صياد غضباً شديداً فانتفخ وانتفخ حتى ملأ السكة، يقول ابن عمر
فوالله ماشعرت أني ضربته، يقول فذهبت فأخبرت اختي حفصه أم المؤمنين زوجة النبي صلى
الله عليه وسلم فقالت له ما أردت من ابن صياد، أما علمت أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال أن الدجال إنما يخرج من غضبة يغضبها، أي أنه يعيش بين الناس ويبدأ أمره من
غضبة شديده يغضبها.



وأسلم ابن صياد بعد ذلك وخرج حاجاً، وفي طريق
العودة من الحج يقول أباسعيد الخدري فنزلنا نرتاح ومعنا ابن صياد، فتفرق الناس
وبقيت انا وهو، فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عنه، فأحضر أغراضه ووضعها قريب من
أغراضي، فقلت له لو وضعتها هناك تحت الظل لكان خيراً لك، من وحشته منه، فأخذ أغراضه
ووضعها تحت الظل ثم ذهب و حلب من دابة حليباً وجائني مرة أخرى فقال لي اشرب، فقلت
إن الحر شديد واللبن حار، ومابي من شيء إلا أني كرهت أن اشرب من يده، فجلس بجانبي
وقال، يا أباسعيد لقت هممت أن آخذ حبلاً فأعلقه في شجرة فأخنق نفسي، قال له أباسعيد
لما ..؟ فقال له ابن صياد لما يقوله الناس عني أنني انا الدجال، ولإن خفي حديث
النبي صلى الله عليه وسلم عن أحد فلا يخفى عليك، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم
أن الدجال كافر، وأنا ياأبا سعيد مسلم، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أنه
لايدخل مكه والمدينة وانا الآن خرجت من مكه وعائد إلى المدينة، وألم يقل النبي صلى
الله عليه وسلم أنه لايولد له، وأنا تركت أولادي في المدينة، فكيف يقولون أنني
الدجال ..؟ ثم أكمل وقال أما والله أني أعرف الدجال وأعرف أين هو أعرف أباه وامه،
فقال له أباسعيد أيسرك أنك ذلك الرجل ..؟ فقال له ابن صياد لو عرض علي لما
كرهت.



وفي الحديث التي ترويه إحدى الصحابيات وهي فاطمه بنت قيس رضي
الله عنها تقول، سمعت يوماً نداء في المدينة ينادي الصلاة جامعه، فذهبنا نحو المسجد
فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم وقام يخطب وقال" اما والله أني ماجمعتكم لأمر
رغبة ولارهبه، لكن جائني تميم الداري فأسلم وكان نصرانياً، وحدثني بخبر يوافق ماكنت
أحدثكم به عن الدجال"، فقال ابن تميم الداري "ركبت في سفينة ومعي جماعة من أصحابي
ودخلنا في البحر واشتدت بنا العاصفه وادخلتنا في البحر حتى انتهت بنا على جزيرة،
فلما نزلنا في الجزيرة لقيتنا دابة كثيرة الشعر من كثرة شعرها لايعرف مقدمتها من
مؤخرتها، فقالوا ماأنت ؟ فتكلمت وقالت أنا الجساسة، قالوا وما الجساسة فما ردت،
فقالت ياقوم إن في هذا الدير من هو بشوق لخبركم، فأسرعنا نحو الدير فإذا رجل جسيم
كأعظم رجل رأيناه في حياتنا، وإذا هو موثق بالسلاسل كأوثق مارأينا، موثق من رأسه
إلى رجلة، فقلنا ما أنت؟ فقال قد قدرتم على خبري ولا أقدر على خبركم، فقالوا عما
تسأل، قال أخبروني عن نخل بيسان (وهي مدينة في فلسطين)، فقالوا وعن أي شانها تسأل،
قال هل نخلها فيه ثمار؟ قالوا نعم هي كثيرة الثمار، فقال ألا إن نخلها يوشك أن
لايثمر، قال واسألكم عن بحيرة طبريا (وهي بحيرة في الأردن)، قالوا عن أي خبرها تسأل
..؟ فقال أمازال فيها ماء ..؟ فقالوا هي كثيرة الماء، فقال ألا إن مائها يوشك أن
يذهب، ثم قال أخبروني عن عين زغر (مدينة في فلسطين) فقالوا عن أي شأنها تستخبر ..؟
فقال هل في العين ماء وهل يزرع الناس بماء هذا العين ..؟

فقالوا نعم هي
كثيرة الماء والناس تزرع بمائها، فقال ألا إن مائها يوشك أن يغور، أخبروني عن نبي
الأميين مافعل ..؟ فقالوا خرج من مكه ومكث في يثرب، فقال أقاتله العرب ..؟ فقالوا
نعم، فقال فكيف صنع ..؟ فأخبروه أنه قد قاتلهم وانتصر عليهم فأطاعوه، فقال قد كان
ذلك ..؟ فقالوا نعم، فقال ذلك خير لهم، فقالوا له من أنت ..؟ فقال إني أنا المسيح،
وإني يوشك أن يؤذن لي بالخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أترك أرضاً إلا هبطتها في
أربعين ليله إلا مكه وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت ان أدخل إحداهما
استقبلني ملك بيده السيف صلتاً (مسلولا) ويصدني عنها، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم ألم أكن قد أخبرتكم عن ذلك؟ فقالوا نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذه
طيبة، هذه طيبة.



وفي آخر أيام ابن صياد مات جميع اولاده وبقي بلا
ولد، فزادت شكوك الناس به، وفي أيام الأموين وقعت معركة الحره بين الحجاج ابن يوسف
الثقفي وأهل المدينة، وخرج ابن صياد مع اهل المدينة يقاتل معهم، ثم قالوا وفقدنا
ابن صياد في ذلك القتال فلم نجده بين الاحياء ولا بين الأموات.



وفي
آخر أمر المسيح الدجال يحاول أن يدخل المدينة، فيخرج منها رجل والناس من داخل
المدينة ينظرون، والكفار من أتباع الدجال ينظرون، فيتجرأ رجل من أهل المدينة يقول
عنه النبي صلى الله عليه وسلم هو من خيار الناس، فيقول له المسيح الدجال أتشهد أني
ربك ..؟ فيقول له الرجل أمام الناس بل أشهد انك الدجال الذي حدثنا عنه رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فيلتفت الناس إلى الناس الذين معه فيقول، أرأيتم إن قتلت هذا
ثم أحييته أمامكم أتشكون أني ربكم ..؟ فقالوا لأ .. فأمر بهذا الشاب ان يبطح على
الأرض فقال له قل أنني ربك، فرفض الشاب فأمر بالمنشار فنشر به الشاب من رأسه إلى
بين رجليه وقتل ثم شقوه نصفين، وأخذ الدجال يمشي بين النصفين والناس كلها تنظر، ثم
قال له قم، فيتحرك الميت أمام الناس وينطبق الجسد على بعضه ثم يعود حياً، فهنا يصرخ
الدجال في هذا الشاب ويقول قل انني ربك، فيقول الشاب أما إني والله ما ازددت بك إلا
كفراً، ويقول أيها الناس هذا هو الدجال الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه
وسلم، ولن يسلط على أحد بعدي، فيهجم عليه الدجال ويضربه بالسيف على رقبته فيقلب
الله عز وجل رقبة هذا الشاب إلى نحاس فلا يستطيع قتله. فيرتكه الدجال وينطلق نحو
الشام .



وفي هذا الوقت يحدث أمر هو من أعظم الامور ألا وهو نزول
المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، جاء في الحديث الصحيح قول النبي صلى
الله عليه وسلم أثناء فتنة الدجال قوله "ينزل عيسى ابن مريم، عند المنارة البيضاء
شرقي مسجد دمشق" . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً "ليس بيني وبين عيسى ابن
مريم نبي، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه"، ويصفه فيقول " هو رجل مربوع، إلى
الحمرة والبياض، ينزل بين منصرتين (بين ثوبين)، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل"،
وينزل في دمشق عندما يكون الناس متحصنون، ويبدأوا يستعدون لقتال الدجال، فبينما هم
يعدون للقتال ويسوون الصفوف إذا أقيمت صلاة الفجر، يؤمهم رجل من خيرة الناس،
فيستعدون للصلاة وبينما هم كذلك فينظرون وإذ بعيسى ابن مريم عليه السلام نازل من
السماء واضعاً كفيه على جناحي ملكين، ينزل إلى الأرض أمام أعين الناس، والناس توحد
الله وتقول صدق الله وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم.

وفي الرواية الاخرى
يقول صلى الله عليه وسلم "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم
القيامة فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم تعال فصلي بنا، فيقول عيسى عليه السلام
"لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله لهذه الأمة"، فيصلي عيسى ابن مريم معهم
صلاة المسلمين مأموماً، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام عن عيسى ابن مريم انه له
ريح طيبة، لا يشمها كافر إلا مات، وإن ريحه لتبلغ على مد بصره، فيهرب الكفار أمامه،
ويهرب المسيح الدجال أمامه، ويبدأ عيسى ابن مريم يلحق الدجال وتبدأ المطارده حتى
يدركه في مدينة اللد، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح، فلو تركه لذاب حتى
يهلك، لكن لايتركه عيسى ابن مريم فيأتي إليه قبل أن يكتمل ذوبانه ويضربه بالحربه
على صدره ويخرجها منه وقد امتلأت دماً فيقول "ألا إن الله لايموت، وإن هذا قد مات"،
ثم يبدأ يسمح على وجوه المؤمنين الذين أصابتهم الفتنة، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة
للذين ثبتوا في هذه الفتنة، ويبشرهم بها عيسى ابن مريم عليه الصلاة
والسلام.



ثم يتولى عيسى ابن مريم حكم الأرض، يقول النبي عليه الصلاة
والسلام "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلاً فيكسر الصليب
ويقتل الخنزير (علامة على انتهاء النصرانية)"، ثم ينتشر الخير بين الناس وبينما هم
كذلك إذ يحدث أمر في منتهى الخطورة، فتأتي الأوامر إلى رسول الله عيسى ابن مريم من
الله عز وجل أنه قد بعث الله قوماً ليس لأحد بهم قوة، فخذ عباد الله إلى الجبل،
فيأمر عيسى عليه السلام المؤمنين أن ينطلقوا نحو الجبل، فيجتمع المؤمنين جميعاً في
الجبل، ثم تبدأ أمواج هائلة من الكفار تأتي وتبدأ قصة عظيمة أخرى هي قصة يأجوج
ومأجوج .